logo
logo

حوادث الطرق في مصر ....ما موقعنا وكيف نُقلل من النزيف على الأسفلت ؟!

Topic Image

كتب م. أحمد عمار

قامت شركة جنرال موتورز مصر بتنظيم ندوة مُهمة للصحفيين المصريين لمناقشة مُشكلة حوادث الطرق في مصر ومدى الخسائر البشرية الناتجة عنها ..بالتعاون مع جمعية ندى لطرق مصرية أمنة ، وذلك لبحث الأفكار الإيجابية التي يُمكن أن تُطبق في مصر للحد من النزيف البشري المٌقدر بـ 12.5 ألف حالة وفاة سنويا .

دارت المُناقشة حول العديد من النقاط ...ليكون رأي أغلب السادة الزملاء أن أهم مشاكل الحوادث في مصر ترجع إلى "سلوك" قائدي المركبات في مصر ولتقليل نسبة الحوادث والوفيات ...يجب علينا أن نقوم "بتوعية" المصريين .....هذا الرأي مُهم ومفيد ...ولكني لم أكن معه بشكل كبير ! وأرى ان المُشكلة ليست في "سلوك" المصريين ... ولكن قبل أن أقول رأيي سوف أستعرض لكم بعض من المعلومات المُهمة للغاية .

في تقرير لمُنظمة الصحة العالمية الذي نٌشر في شهر نوفمبر لعام 2016 ..تم الإعلان أن هناك 1.25 مليون حالة وفاة في العالم سنويا تنتج من حوادث الطرق ...90% من هذه الحالات في الدول مُنخفضة ومتوسطة الدخل وينتج عن هذه الوفيات وهذه الحوادث خسائر أقتصادية عنيفة... لا تتحمل منها الدول مُنخفضة ومتوسطة الدخل أكثر ما يُمثل نسبة تتراوح من 3% إلى 5% من دخلها القومي ...مع العلم بأن نصف نسبة الوفاة تكون من نصيب المُشاة وراكبي الدراجات الهوائية والنارية ...

إذا أرقام الوفيات السنوية في مصر والتي وصلت إلى 12.5 ألف حالة وفاة سنويا حسب تقرير مؤسسة ندى لطرق مصرية أمنة هي بسبب أن مصر دولة "فقيرة" ....في الحقيقة هذه المعلومة خاطئة تماما !

في 1 مارس من عام 2016 ..أعلن موقع سكاي نيوز عربية أن مصر تحتل المركز الثامن عربيا بمُعدل 12.9 حالة وفاة لكل 100 ألف نسمة ...مع حصول ليبيا على المركز الأول عربيا بمُعدل 73.4 وفاة لكل 100 ألف شخص بإجمالي 4398 وفاة ...يليها في المركز الثاني عربيا ..دولة المملكة العربية السعودية ...بنسبة 27.4 حالة وفاة لكل 100 ألف شخص حيث توفي 7661 إنسان في عام 2015 ...مع العلم بأن المملكة العربية السعودية تحتل المركز 23 عالميا في نسبة الوفيات الناجمة من حوادث الطرق ...والمفارقة هنا أن المملكة من اغنى دول المنطقة والعالم بأجمعه ....إذا الحوادث وحالات الوفيات في مصر لم تنتج من "فقرنا" ....

لنترك هذه الأرقام وهذه الإحصائات المُزعجة وننتقل إلى نقطة اخرى وهي أسباب الحوادث والوفيات بشكل عام ...

بحسب تقرير مُنظمة الصحة العالمية الذي نٌشر في شهر نوفمبر لعام 2016 جائت أهم الأسباب كالأتي وبالترتيب ....

1-السرعة الزائدة ...فيكفي أن نعرف  أن نسبة وفاة الإنسان في حالة إذا صدمته سيارة تزيد من نسبة 20% إلى نسبة 80% أذا زادت سرعة السيارة الصادمة من سرعة 50 كم / ساعة إلى 80 كم / ساعة .

2-القيادة تحت تأثير الخمور أو المخدرات .

3-عدم إرتداء خوذة الأمان لقائدي الدراجات الهوائية والنارية .

4-عدم إرتداء أحزمة الأمان ...فيكفي أن نعرف أيضا أن ارتداء أحزمة الأمان لركاب الصف الأمامي للسيارة تٌقلل من نسبة الوفاة بنسبة تتراوح من 40% إلى 50% ... ومن نسبة 25% إلى 75% لركاب الصف الخلفي في حالة أرتداء أحزمة الامان ....أما بالنسبة للركاب الرضع ..فربط أحزمة الأمان في المقاعد المُخصصة للأطفال تُقلل من نسبة الوفاة بنسبة 70% و تقلل من إصابتهم بنسبة تتراوح ما بين 54% و 80% .

5-السهو عند القيادة.

بعد كل هذه الأرقام والدراسات سيأتي دور إخباركم برأيي لتقليل الحوادث القاتلة ونسبة الوفيات ....

رأي أغلب زملائي كان يتمحور حول تعديل "سلوك" القائدين ..عبر التوعية بمٌختلف طرقها ..وكان رأيي المُتواضع أن هذه التوعية "لن تجدي نفعا" ...ببساطة لأن سلوك "الإنسان" في العموم هو "واحد" وسلوك الشعب المصري ليس سيئ ...وبدأت رأيي بذكر تجربتي مع دولة مثل الإمارات العربية المُتحدة التي أزورها بإستمرار بحكم عملي ...ليكون رأي الزملاء هو عدم مقارنة دولة "غنية" عدد سكانها "قليل" مثل الإمارات بدولة كبيرة عدد سكانها كبير و"فقيرة" نوعا ما مثل مصر ..وهو الأمر الذي أرفضه تماما جُملة وموضوعا !!

لماذا أرفض هذا الإفتراض ...لأن دولة الإمارات العربية المُتحدة مثل "المطار" الكبير ..بها العديد من الجنسيات المُختلفة ..التي أغلبها "أسوء في السلوك" من المصريين ...فيكفي أن نعلم أن المصريين هم من أصحاب أقل معدلات المخالفات المرورية في دولة الامارات ...كما أن التجربة الإماراتية في ضبط المرور وتقليل الضحايا تعتمد في الاساس على "القانون " ...قانون لضبط سرعتك ...قانون يُجبرك لربط أحزمة الأمان "للركاب الامامين والخلفيين" ..قانون سيعاقبك بحزم إن قُمت بقيادة دراجتك الهوائية أو النارية بدون خوذة ...قانون سيخالفك بمبلغ "موجع" إن قُمت بعبور الشارع بطريقة خاطئة !! نعم سيعاقبك وأنت تمر على قدميك ! القانون في الإمارات حازم ورادع لدرجة يُرفع لها القُبعة ! ....القانون يبدأ في الأصل من مرحلة إخراج رُخصة القيادة ! هناك ستدرس لأسابيع طويلة وستقوم بإختبارات دقيقة ليتأكدوا من أنك "مُؤهل" للقيادة على الطريق في الأساس.

القانون هناك لا يعتمد فقط على المخالفات المالية ..بل هناك حبس ومصادرة سيارات ومنع من القيادة ...وبجانب هذا الحزم الرهيب ...نجد الإمارات تعتمد أكثر من حلبة سباقات بمستوى عالمي ! فإن كُنت من محبي السرعة ..فكل ما عليك إلا دفع تذكرة الدخول لإحدى هذه الحلبات لإخراج طاقتك المُتفجرة ! فإن كان السبب الأول لحوادث الطرق وحالات الوفيات في العالم هو السرعة ..فالحل سيكون في نٌقطتين أساستين ...مخالفات مرورية رادعة للسرعة الزائدة على الطرقات العامة ...وإنشاء حلبات سباقات لتكون متنفس للشباب ! والذي سيهاجم هذا الرأي ويقول أننا دولة فقيرة ...سأذكره فورا بالمكاسب الوطنية التي تكتسبها دولة الإمارات سنويا من فعاليات السباقات العالمية التي تقام على أرضها والتي تُنعش السياحة بشكل واضح لا يقبل الشك !

قبل الإتجاه لتوعية الجميع بقواعد المرور والسلوك الأمن للقيادة وإستخدام الطريق ..أطالب الحكومة المصرية التي أبلت عملا "عظيما" بمعنى الكلمة في تحسين شبكة الطرق الوطنية ..بإكمال منظموتها ..وتفعيل قوانين رادعة لحل النقاط الاساسية للحوادث المرورية وحالات الوفاة ..وهي السرعة ..والقيادة تحت تأثير المخدرات والخمور وعدم إرتداء خوذات الامان وعدم إرتداء أحزمة الامان ....

تفعيل القانون سيُسهم فورا في تقليل هذه النسبة من الوفيات ...فهذه الأرقام ليست مُجرد "أرقام" ..بل هي أرواح وعائلات تعيش في "كابوس" بسبب فقدان أحد أحبابهم بطريقة عبثية  ...ولأثبت صحة نظريتي ..يكفي أن نعرف أن معدلات الوفاة نتيجة الحوادث في المملكة العربية السعودية قد إنخفضت بنسبة 26% بعد تطبيق نظام "ساهر" لرادارات الطُرق بحسب تقرير موقع سبق الذي نُشر في شهر مايو من عام 2015.

 

Invalid API key or channel ID.